الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب قضاء الصلوات الفائتة بغير عذر، فمنهم من قال بعدم القضاء وإنما تكفي التوبة، والإكثارمن الاستغفار، والنوافل، وصالح الأعمال؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وأما جمهور العلماء فقد ذهبوا إلى وجوب القضاء، وهذا هو الأحوط، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 65785 وما أحيل عليه فيها.
وراجع بشأن كيفية قضاء الفوائت الفتويين: 159175، 42800
وكذلك يجب عليك قضاء ما أفطرته من الصوم الواجب بدون عذر عند جماهير أهل العلم، بل حكى الإجماع ابن ملك على ذلك.
لكن قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قُلْت: قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفْعُهُ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنَّ صَامَهُ. وَبِهِ قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادٌ: يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ. اِنْتَهَى.
وَذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ مَنْ وَصَلَ هَذِهِ الْآثَارَ قَالَ: وَصَلَهُ يَعْنِي أَثَرَ اِبْنِ مَسْعُودٍ الطَّبَرَانِيِّ، وَالْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ لَهُمَا عَنْ عَرْفَجَةَ. قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ، ثُمَّ قَضَى طَوَالَ الدَّهْرِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ. وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيٍّ مِثْلُهُ. اِنْتَهَى.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِمِثْلِ قَوْلِ اِبْنِ مَسْعُودٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- كَمَا سَيَجِيءُ, فَظَهَرَ أَنَّ مَا اِدَّعَى اِبْنُ الْمَلَكِ مِنْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، لَيْسَ بِصَحِيحٍ. اهـ.
ثم إن كان إفطارك بالجماع، فيجب عليك إخراج كفارة مع القضاء.
وأيضا عليك إخراج كفارة عن تأخير القضاء عند بعض أهل العلم، إلا أن تكون جاهلاً بحرمة تأخير القضاء؛ وانظر الفتويين: 12700، 165945 وما أحيل عليه فيها.
وحيث قلنا بوجوب قضاء كل من الصلاة، والصوم، فلا تجزئ الأعمال الصالحة عن القضاء وإن كثرت.
ثم إن ترك الفرائض من الذنوب الكبار، والكبائر لا بد لها من توبة، كما سبق في الفتوى رقم: 155723.
فبادر أخي السائل بالتوبة النصوح من ترك الواجبات عموما، كما ينبغي لك الاستكثار من عمل الصالحات، حتى تثقل موازينك يوم القيامة، هذا مع سؤال الله القبول، فما أكثر آفات الأعمال، ومحبطاتها.
وانظر الفتوى رقم: 67965
والله أعلم.