الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في كثير من فتاوانا أنه لم يرد في الشرع تحديد للربح، لا تجوز مجاوزته، على الراجح من أقوال أهل العلم.
فالعبرة في ذلك برضى الطرفين، لكن يكره استغلال حاجة الناس، وإرهاقهم بما يشق عليهم مشقة بالغة، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للتاجر السمح بالرحمة فقال: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى. رواه مالك في الموطأ عن جابر رضي الله عنه، وبعضه في البخاري.
وعليه فلا حرج على الشركة في بيع سلعتها بأعلى الأثمان، وأكثرها ربحا مما ذكر، غير أن مراعاة حال الناس، وعدم استغلال حاجتهم، أمر مستحب. ولذا لا يمكننا تحديد ثمن من تلك الأثمان، بل يوكل ذلك إلى اختيارهم هم، وتقديرهم للحال والمآل.
جاء في قرار صادر عن مجمع الفقه الإسلامي بجدة ما يلي:
أولا: الأصل الذي تقرره النصوص، والقواعد الشرعية: ترك الناس أحرارا في بيعهم وشرائهم، وتصرفهم في ممتلكاتهم، وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وضوابطها عملا بمطلق قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ. ثانيا: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح، يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة، وظروف التجارة والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق، والقناعة، والسماحة، والتيسير.
ثالثا: تضافرت نصوص الشريعة الإسلامية على وجوب سلامة التعامل من أسباب الحرام، وملابساته كالغش، والخديعة، والتدليس، والاستغفال، وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة، والخاصة.
رابعا: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللا واضحا في السوق، والأسعار ناشئا من عوامل مصطنعة؛ فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة، التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل، والغلاء، والغبن الفاحش. اهـ.
والله أعلم.