الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله سبحانه وتعالى، ومن أجل ذلك أرسل رسله مبشرين ومنذرين، ومن محبته للعذر سبحانه أنه لا يؤاخذ أحدا بذنب إلا أن تكون الحجة قد قامت عليه وبلغه تحريمه في الشرع، ودلائل هذا الأصل كثيرة جدا، كقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا {الإسراء:15}. وقوله: لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ {النساء:165}.
وغير ذلك من النصوص، قال شيخ الإسلام رحمه الله: الله سبحانه لا يعاقب شرعاً ولا قدراً إلا بعد قيام الحجة ومخالفة أمره كما قال تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذَبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا {الإسراء: 15}.
وأجمع الناس على أن الحدود لا تجب إلا على عالم بالتحريم متعمد لارتكاب أسبابها، والتعزيرات ملحقة بالحدود، وهذا من رحمة الله تعالى بعباده ورأفته بهم، ولكن هناك من المعاصي ما لا تقبل فيه دعوى الجهل، وهو ما كان معلوما من الدين بالضرورة، فمرتكب المعصية المعلوم بالضرورة من الدين تحريمها كشرب الخمر أو الزنى يعاقب عليها، وإن استحل ارتكابها كفر وخرج من الملة ـ عياذا بالله ـ ولبيان حد المعلوم بالضرورة من الدين انظر الفتوى رقم: 180921، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.