الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يمنع الدعاء بما يشتمل على ألفاظ غير مفهومة المعنى؛ لما يخشى أن يكون محتويا على بعض الألفاظ الشركية.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على جواز الرقى، والتطبُّبِ بما لا ضرر فيه، ولا منع من جهة الشرع، لكن إذا كان مفهوما؛ لأن ما لا يفهم لا يؤمَن أن يكون فيه شيء من الشرك. اهـ.
وقال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول في بيان ما تشرع الرقية به، وما تمنع:
ثم الرقى من حمة أو عين * فإن تكن من خالص الوحيين
فذاك من هدي النبي وشرعته * وذلك لا اختلاف في سنيته
أما الرقى المجهولة المعاني * فذاك وسواس من الشيطان
وفيه قد جاء الحديث أنه * شرك بلا مرية، فاحذرنه
إذ كل من يقوله لا يدري * لعله يكون محض الكفر
أو هو من سحر اليهود مقتبس * على العوام لبسوه فالتبس.
وقال في شرح هذه الأبيات: أما الرقى التي ليست بعربية الألفاظ، ولا مفهومة المعاني، ولا مشهورة، ولا مأثورة في الشرع البتة، فليست من الله في شيء، ولا من الكتاب والسنة في ظل ولا فيء، بل هي وسواس من الشيطان أوحاها إلى أوليائه؛ كما قال تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ. وعليه يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: إن الرقى والتمائم، والتولة، شرك. وذلك لأن المتكلم به لا يدري أهو من أسماء الله تعالى، أو من أسماء الملائكة، أو من أسماء الشياطين، ولا يدري هل فيه كفر أو إيمان، وهل هو حق أو باطل، أو فيه نفع أو ضر، أو رقية، أو سحر. انتهى.
والله أعلم.