الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الكاهن: فقال الحربي في غريب الحديث: الْكَاهِنُ: الَّذِي يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ بِرَأْيِهِ وَظَنِّهِ, وَالْجَمعُ كُهَّانٌ, كَذَا قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ» وَالْفِعْلُ تَكَهَّنَ, قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: أَتَى نُعَيْمَانُ قَوْمًا فَتَكَهَّنَ، وَالِاسْمُ الْكَهَانَةُ, كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَقَيْتُمُونِي مِنْ كَهَانَةِ نُعَيْمَانَ, يُقَالُ: كَهَنَ يَكْهَنُ كَهَانَةً، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَاهِنًا فَفَعَلَ الْكَهَانَةَ قِيلَ: تَكَهَّنَ كَذَا قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «لَا يَسْكُنُ الدَّرَجَاتِ مَنْ تَكَهَّنَ» أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ.
وذكر ابن الأثير في النهاية ما هو قريب من ذلك، وزاد: وفِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَخْرُج مِنَ الكَاهِنَيْن رجُلٌ يَقْرأ الْقُرْآنَ لاَ يَقْرأ أحَدٌ قِرَاءتَه» (حديث رواه أحمد، وضعفه محققو المسند) قِيل: إنَّه مُحَمَّدُ بْنُ كَعْب القُرظِيّ, وَكَانَ يُقَال لِقُرَيْظة والنَّضِير: الكاهِنَان، وَهُمَا قَبِيلاَ اليَهُود بِالْمَدِينَةِ، وهُم أَهْلُ كِتاَب وفَهْم وعِلْم، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ مِن أوْلاَدهم، والعرَب تُسَمِّي كلَّ مَنْ يَتعاطَى عِلْماً دَقيقاً: كاهِنا, وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُسَمِّي المُنَجِّم والطَّبيب كاهِناً. انتهى.
فيتضح من كلام ابن الأثير سبب التسمية، وهي تعاطيهم طقوس دقيقة لا يعلمها سائر الناس، يدعون كذباً أنهم يتعلمون من الله، ومن الروح القدس، والحديث المذكور وإن كان ضعيفاً، لكنه يدل على شيوع إطلاق مصطلح الكهانة على بعض اليهود؛ ولذا جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة، د. أحمد مختار عبد الحميد عمر: رجال الكَهَنوت: رجال الدِّين عند المسيحيين واليهود.
وجاء في المعجم الفقهي سعدي أبو جيب: العراف - عند اليهود، والنصارى، وغيرهم: من ارتقى إلى درجة الكهنوت، وساغ له أن يقدم الذبائح، والقرابين، ويتولى الشعائر الدينية.
وقد تكلمنا عن حكم إتيان الكهان بالفتوى رقم: 32989 ، فراجعها للفائدة.
والله أعلم.