الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المناسب أن نبدأ بما ذكرته أخيرا من أن هذا الرجل يكفر بالدين، وبالله. فإن كان المقصود أنه يأتي بشيء من نواقض الإسلام فإنه يكون بذلك مرتدا تجب عليك مفارقته، ولا يحل لك تمكينه من نفسك والحالة هذه؛ لأن النكاح ينفسخ بالردة. وراجعي في حكم زوجة المرتد الفتوى رقم: 25611.
وعلى تقدير بقاء الزوجية، فما ذكرت عنه من جفاء الطبع، وسوء الخلق والعشرة، أمر مخالف لما جاء في التوجيه الرباني من إحسان عشرة الزوجة، كما في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}. وكذلك ما جاء في التوجيه النبوي من الاستيصاء بالزوجة خيرا، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء. فالواجب أن نصيحة هذا الرجل في ضوء ما ذكرنا، وينبغي تحري الحكمة والموعظة الحسنة في النصح، والأولى أن يكون ممن يرتجى أن يقبل قوله.
وإذا تضررت المرأة من بقائها مع زوجها كان لها الحق في طلب الطلاق للضرر؛ وراجعي الفتوى رقم: 37112 ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق. وإن ترجح عند الزوجة أن تصبر على زوجها لمصالح معينة، فلها ذلك. ولا تنسي أن هذا كله على تقدير بقاء الزوجية، وإلا فقد علمت ما يترتب على الردة.
وننبه إلى الآتي:
أولا: أن الحلف بالطلاق له حكم الطلاق المعلق، يقع فيه الطلاق بتحقق المحلوف عليه. وانظري للمزيد الفتوى رقم: 11592.
ثانيا: لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته إلا لأمر معتبر شرعا، فلهجر الزوجة ضوابطه والتي قد سبق لنا بيانها في الفتوى رقم: 71459.
ثالثا: يحرم على الرجل إقامة علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عليه في غير إطار الزواج الصحيح، كما هو مبين في الفتوى رقم: 30003.
رابعا: يجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، ولا يحل له التفريط في ذلك مع قدرته عليه وإلا أثم، ثبت في سنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.
والله أعلم.