الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون أصحاب الأموال قد دفعوا إليك أموالهم لتضارب بها أنت، فحينئذ ليس لك أن تدفعها إلى آخر ليضارب بها إلا بإذن صريح أو ضمني كتفويض مطلق في المضاربة، جاء في المغني: وليس للمضارب دفع المال إلى آخر مضاربة، نص عليه أحمد في رواية الأثرم.. قال: إن أذن له رب المال، وإلا فلا. انتهى.
وجاء في شرح منتهى الإرادات: وإن قيل ـ أي: قال رب المال ـ لعامل: اعمل برأيك أو بما أراك الله تعالى وهو ـ أي: العامل ـ مضارب بالنصف، فدفعه ـ أي: المال ـ لعامل آخر ليعمل به بالربع من ربحه، صح, وعمل به نصا، لأنه قد يرى دفعه إلى أبصر منه.
وعلى ذلك؛ فإن أذنوا فالربح بينك وبين أصحاب المال حسب الاتفاق بينكم، وتقتسم حصتك من الربح مع صاحب المشروع حسب ما اتفقتما عليه، وانظر الفتوى رقم: 74699.
الثاني: أن يكونوا قد دفعوا إليك المال على أنك وسيط أو سمسار بينهم وبين من يدير الأموال، وحينئذ لا بد من علمهم بما يؤخذ منهم كأجرة للسمسرة، وإلا كانت أكلاً لأموالهم بالباطل، وهذا من الكبائر، قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}.
وذلك لأن السمسرة حقيقتها جعالة على القيام بعمل، وهذا يستلزم إيجاباً وقبولاً من المجاعِل والمجاعَل له، وهو غير موجود فيما لو أخذت من أصحاب الأموال دون علمهم، فعلى هذا يجب أن تميز لهم نسبة سمسرتك من نسبة صاحب المشروع كلا على حدة، وراجع في كون أجرة السمسار نسبة من الأرباح الفتوى رقم: 77306.
والله أعلم.