الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد كان من الواجب عليك أن تبيني لوالدتك والسامعين لكلامها، بطلان ما يقوله العرافون، وحرمة الذهاب إليهم وتصديقهم قياما بواجب النصيحة, وهم أحق الناس بنصحك وإرشادك. وإذا لم تقدري على نصيحتهم، أو كنت تعلمين عنادهم وجدالهم، وعدم قبولهم النصيحة، فالواجب أن تقومي من المجلس حين خاضوا في باطلهم، وإذ لم تقومي فإنه يُخشى عليك أن تكوني آثمة بعدم القيام، فاستغفري الله تعالى, وقد قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ... {النساء : 140}.
قال ابن جرير الطبري: وفي هذه الآية، الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع، من المبتدعة والفسَقة، عند خوضهم في باطلهم. اهــ.
وقال عن قوله: { إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ }: فأنتم إذًا مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه. اهــ.
وجاء في أحكام القرآن للجصاص: قَوْلُهُ: { إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ } قَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي الْعِصْيَانِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ مَعْصِيَتُهُمْ مَنْزِلَةَ الْكُفْرِ. وَالثَّانِي: أَنَّكُمْ مِثْلُهُمْ فِي الرِّضَا بِحَالِهِمْ فِي ظَاهِرِ أَمْرِكُمْ، وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ وَالِاسْتِهْزَاءِ بِآيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كُفْرٌ، وَلَكِنْ مَنْ قَعَدَ مَعَهُمْ سَاخِطًا لِتِلْكَ الْحَالِ مِنْهُمْ لَمْ يَكْفُرْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوَسَّعٍ عَلَيْهِ فِي الْقُعُودِ مَعَهُمْ. اهــ.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكِر عليهم، يكون معهم في الوِزر سواء، وينبغي أن ينكِر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعمِلوا بها؛ فإن لم يقدر على النكِير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. اهــ.
وننبهك إلى ضرورة نصح جدك، ووالدتك، وتلك المرأة بأهمية الصلاة وأنها عماد الدين، وإلى خطورة تركها، لعل الله أن يهديهم على يديك لا سيما الوالدة؛ فإن حقها عليك عظيم.
والله تعالى أعلم