الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فاعلمي أن مجرد الشعور بخروج ذلك السائل من غير يقين بخروجه لا عبرة به, ولا ينتقض الوضوء إلا بخروجه حقيقة يقينًا لا شكًا ووسوسة؛ إذ الأصل بقاء الطهارة وعدم نقضها, والذي يظهر لنا أن السائل المذكور هو ما يعرف عند العلماء برطوبة فرج المرأة, وقد بينا في عدة فتاوى سابقة أنه طاهر على الصحيح من أقوال الفقهاء, فلا يلزم غسله, وأنه أيضًا ناقض للوضوء.
ثم إذا كنت تعانين من كثرة خروجه: فإنك تأخذين حكم صاحب السلس, وعبادتك صحيحة - إن شاء الله تعالى - ولا تقلقي, فالله تعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها, وقد بنى شريعته على التيسير, ورفع الحرج لا على العنت والمشقة, كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 6}, وكما قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {سورة الحج: 78}.
واهتمامك بالعبادة وخوفك من عدم القبول دليل على إيمانك - إن شاء الله تعالى - وقد أثنى الله تعالى على عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات, ويخافون أن لا يُتقبل منهم, فقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون: 60}.
وإذا أذن المؤذن وأنت في الطواف فإنك تخرجين للوضوء؛ لأن صاحب السلس يلزمه الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها, فإذا توضأت فعودي إلى الطواف وأكمليه من الشوط الذي توقفت فيه, إلا إذا طال الفصل فإن الأفضل أن تعيديه من الشوط الأول, وانظري الفتوى رقم: 138531.
والله تعالى أعلم.