الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مبادئ الإسلام تحصين الفروج وحفظها من الرجال والنساء على السواء، فالإسلام لا ينظر إلى المرأة على أنها أداة مؤقتة لتحصين الرجل دون أن ينظر لتحصينها، ومن أجل هذا وغيره حرم نكاح المتعة، وأما الزواج مع نية الزوج الطلاق لاحقا، فقد اختلفت فيه أنظار فقهاء المسلمين، فمنهم من نظر إلى الفرق بينه وبين نكاح المتعة فأجازه، حيث إن المتعة إذا تم فيها الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى، بخلاف هذا فإنه يمكن أن يرغب في الزوجة فيعدل عن هذه النية وتدوم العشرة ويصلح الحال، وأما كون المرأة تَترك بعد هذا الزواج وقد صارت ثيبا لا بكرا، فهذا متحقق في صور الطلاق عموما سواء في الصورة المذكورة في السؤال أو في غيرها، فلا يكون هذا سببا كافيا للتحريم، ومن الفقهاء من ذهب إلى تحريمه، نظرا لما يترتب عليه من أضرار ولما يشتمل عليه من غش وخداع لا يرضاه الإنسان لنفسه ولا لبناته وأهله، وهذه ليست بأخلاق المسلم، يقول أنس بن مالك: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني.
قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: والقصد عندنا يؤثر في النكاح, بدليل ما ذكره أصحابنا: إذا تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج من البلد لم يصح.
وفي مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة أيضا: أو ينويه ـ أي: ينوي الزوج طلاقها بوقت ـ بقلبه، نقل أبو داود فيها: هو شبيه بالمتعة، لا، حتى يتزوجها على أنها امرأة ما حييت، أو تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج، ليعود إلى وطنه لأنه شبيه بالمتعة.
وراجعي الفتوى رقم: 3458.
والله أعلم.