الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يحسن عزاءكم في الولد ويعوضكم خيرا منه.
ثم إن المرجع في معرفة سبب الوفاة إلى الأطباء، فهم الذين يحددون سببها.
وإذا كنتم تكاسلتم فلم تذهبوا بالولد للمستشفي لظنكم أن الأمر بسبب الآلام العادية في الجراح، فلا إثم عليكم، ولا ضمان إن شاء الله فيما حصل؛ لعدم التيقن من تفريطكم؛ ولأن العبد مكلف باليقين أو بغلبة الظن، فإذا لم يتيقن التفريط أو يغلب على الظن فالأصل عدم لزوم شيء؛ لأن الوالدين مفطوران على الحنان، وحب سلامة الأولاد، فيبعد منهما تعمد التفريط، والأصل البراءة حتى يثبت عدمها.
قال أبو محمد ابن حزم رحمه الله: إنْ مَاتَ-أي الصبي- مِنْ فِعْلِهَا-أي أمه- مِثْلَ - أَنْ تَجُرَّ اللِّحَافَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ يَنَامَ، فَيَنْقَلِبَ، فَيَمُوتَ غَمًّا، أَوْ وَقَعَ ذِرَاعُهَا عَلَى فَمِهِ، أَوْ وَقَعَ ثَدْيُهَا عَلَى فَمِهِ، أَوْ رَقَدَتْ عَلَيْهِ - وَهِيَ لَا تَشْعُرُ - فَلَا شَكَّ أَنَّهَا قَاتِلَتُهُ خَطَأً فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهَا الدِّيَةُ، أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمُتْ مِنْ فِعْلِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ، أَوْ لَا دِيَةَ أَصْلًا، فَإِنْ شَكَّتْ أَمَاتَ مِنْ فِعْلِهَا أَمْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا؟ فَلَا دِيَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ بَرَاءَتِهَا مِنْ دَمِهِ، ثُمَّ عَلَى شَكٍّ أَمَاتَ مِنْ فِعْلِهَا أَمْ لَا؟ وَالْأَمْوَالُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا بِيَقِينٍ، وَالْكَفَّارَةُ إيجَابُ شَرْعٍ، وَالشَّرْعُ لَا يَجِبُ إلَّا بِنَصٍّ، أَوْ إجْمَاعٍ - فَلَا يَحِلُّ أَنْ تُلْزَمَ غَرَامَةً، وَلَا صِيَامًا، وَلَا أَنْ تُلْزَمَ عَاقِلَتُهَا دِيَةً بِالظَّنِّ الْكَاذِبِ. انتهى.
ولو أنه ثبت أنكم فرطتم في علاجه حتى مات، فيخشى عليكما من الإثم. فقد ذكر أهل العلم أنه إذا كان الدواء يغلب على الظن نفعه وتحقق التلف بتركه، فالراجح أنه يجب حينئذ، ولا يجوز تركه.
قال ابن عثيمين في حكم التداوي: فالأقرب أن يقال ما يلي: أن ما عُلم أو غلب على الظن نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه، فهو واجب.اهـ من الشرح الممتع على زاد المستقنع.
وراجع الفتوي رقم: 130152، ورقم: 75950 . ورقم : 144775.
والله أعلم.