الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القصة لم نطلع بعد البحث على من صححها من أهل العلم، وحتى لو صحت فإن المنامات لا ينبني عليها حكم، وأما الآيتان: فلا تعارض بينهما، وذلك أن العلم بموت من قدر موته في هذه السنة يخرج من دائرة حيز الغيب المطلق إلى حيز الغيب النسبي في ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمر، فلذا يعلمه الملائكة، فقد ذكر أهل العلم أن ليلة القدر يكتب فيها جميع ما سيكون في السنة، ومنه قبض الأرواح، أخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، ثم قرأ: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. يعني: ليلة القدر، ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل ـ قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح على شرط مسلم.
وقال الإمام القرطبي: قال ابن عباس: يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق، وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم، وقيل إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران، قاله ابن عمر، قال المهدوي: ومعنى هذا القول أمر الله عز وجل الملائكة بما يكون في ذلك العام ولم يزل ذلك في علمه عز وجل، قال ابن عباس: ينسخ من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج، يقال: يحج فلان ولا يحج فلان، وقال في هذه الآية: وإنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى، وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق. انتهى.
والله أعلم.