الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في مبادرتك إلى التوبة بعد ارتكاب الذنب, ونرجو الله تعالى أن يتقبل منا ومنك, كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
ولتعلم أن الوفاء بالعهد من مكارم الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها، ونقضه من مساوئ الأخلاق التي ينبغي له أن يحذر منها، خاصة إذا كان العهد مع الله تعالى، وعلى ترك معصيته، فإن الوفاء به يكون آكد, والإخلال به أشنع.
واليمين بعهد الله على ترك الذنب لا يجوز الحنث فيها لأن ترك الذنب واجب أصلًا، والحالف أكد الوجوب بيمينه، فإذا ارتكب الذنب بعد حلفه عنه، فإنه يقع في الإثم من جهتين: من جهة ارتكابه لما حرم الله تعالى, ومن جهة الحنث في هذا النوع من الأيمان - وهو الحلف على ترك محرم, أو فعل واجب - فيحنث بترك الواجب أو فعل المحرم, وعليه مع الإثم كفارة يمين.
وعلى ذلك: فإن ما جرى يعتبر يمينًا تلزمك به كفارة يمين عن كل حنث حنثت فيه، إلا إذا كان المحلوف عليه -الذي عاهدت الله على تركه - شيئًا واحدًا, وتكررت الأيمان قبل أن تحنث، فهنا تجب عليك كفارة واحدة عن الأيمان كلها؛ لأنها بمنزلة يمين واحدة، كما سبق بيانه مفصلًا في الفتويين: 8186 ، 6869.
وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم تجد شيئًا من ذلك فصيام ثلاثة أيام.
والله أعلم.