الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الزوج إذا علّق طلاق زوجته على شرط، فإنه لا يملك التراجع عنه. وإذا تحقق شرطه، طلقت زوجته، سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد أو التأكيد، أو المنع. وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثاً، ويرى بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- أن الزوج إذا قصد إيقاع الطلاق عند حصول المعلق عليه، فله أن يتراجع عن التعليق ولا شيء عليه، وإذا لم يرجع حتى حصل المعلق عليه، وقعت طلقة واحدة ولو تلفظ بالثلاث، وإذا لم يقصد إيقاع الطلاق وإنما قصد بالتعليق التهديد، أو التأكيد، أو المنع، فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه وإنما تلزمه كفارة يمين؛ وانظري الفتوى رقم: 161221.
ووقوع الشرط المعلق عليه الطلاق حال الحيض، يجعله طلاق بدعة، لكن لا يأثم به الزوج.
قال ابن قدامة –رحمه الله- : إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ. فَقَدِمَ وَهِيَ حَائِضٌ، طَلُقَتْ لِلْبِدْعَةِ، وَلَمْ يَأْثَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ. المغني لابن قدامة.
والطلاق البدعي واقع عند أكثر أهل العلم؛ وانظري الفتوى رقم: 5584 ، ومذهب الجمهور في وقوع الطلاق المعلق عند حصول الحنث، ووقوع الطلاق في الحيض، واعتبار الثلاث بلفظ واحد، هو المفتى به عندنا.
لكن إذا كنت فعلت المعلق عليه ناسية، أو جاهلة، أو مكرهة، ففي وقوع الطلاق حينئذ خلاف.
قال النووي الشافعي رحمه الله: إِذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِفِعْلِ شَيْء، فَفَعَلَهُ وَهُوَ مُكْرَهٌ، أَوْ نَاسٍ لِلتَّعْلِيقِ، أَوْ جَاهِلٌ بِهِ، فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ قَوْلَانِ.......... وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ عَالِمًا بِالتَّعْلِيقِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ، وَقَصَدَ الْمُعَلِّقُ بِالتَّعْلِيقِ مَنْعَهُ، فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ جَاهِلًا، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ. روضة الطالبين وعمدة المفتين.
وقال أيضا: فإذا وجد القول، أو الفعل المحلوف عليه على وجه الإكراه أو النسيان، أو الجهل سواء كان الحلف بالله تعالى أو بالطلاق. فهل يحنث؟ قولان: أظهرهما لا يحنث. روضة الطالبين.
وتراجع الفتوى رقم: 181785 ، ولا حرج عليكم إن أخذتم بهذا القول .
وننبه إلى أنه في حال القول بوقوع طلقة واحدة بهذا اليمين، فإنها تنحل بحصول المعلق عليه، ولا يتكرر الطلاق بفعل المعلق عليه، ما لم ينو الزوج تكرار الطلاق بتكرار الحنث؛ وانظري الفتويين: 136912، 121268 .
والأولى في مثل هذه المسائل أن تعرض على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوقين.
والله أعلم.