الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة المسبوق الذي شرع في تكبيرة الإحرام حال قيامه وأتمها حال انحطاطه محل خلاف بين أهل العلم هل تبطل الصلاة في هذه الحالة أم لا؟ فعند المالكية تعتبر هذه الصلاة صحيحة، وفي اعتداد المصلي بهذه الركعة خلاف، جاء في شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: يعني أن القيام لتكبيرة الإحرام: هل هو واجب مطلقا، أو واجب في حق غير المسبوق؟ وأما القيام في حقه: فلا يجب عليه، فإذا فعل بعض تكبيرة الإحرام في حال قيامه وأتمه في حال انحطاطه، أو بعده من غير فصل بين أجزائه فهل يعتد بتلك الركعة بناء على القول الثاني، أو لا يعتد بها بناء على القول الأول؟ وصلاته صحيحة على كل حال. انتهى.
وعند جمهور الشافعية إذا وقع بعض تكبيرة الإحرام في غير القيام لم تنعقد الصلاة أصلا، وقال بعضهم: إذا وقع بعض التكبير حال الانحناء وقبل الوصول لحد الركوع انعقدت الصلاة، جاء في المجموع للنووي: واعلم أن جمهور الأصحاب أطلقوا أن تكبيرة الإحرام إذا وقع بعضها في غير حال القيام لم تنعقد صلاته، وكذا قاله الشيخ أبو محمد في التبصرة، ثم قال: إن وقع بعض تكبيرته في حال ركوعه لم تنعقد فرضا، وإن وقع بعضها في انحنائه وتمت قبل بلوغه حد الراكعين انعقدت صلاته فرضا لأن ما قبل حد الركوع من جملة القيام، ولا يضر الانحناء اليسير، قال: والحد الفاصل بين حد الركوع وحد القيام أن تنال راحتاه ركبتيه لو مد يديه، فهذا حد الركوع، وما قبله حد القيام. انتهى.
والمشهورعند الحنابلة أن الصلاة لم تنعقد فرضا إذا وقع بعض التكبير حال الركوع، ولكنها تنعقد نفلا، وراجع الفتوى رقم: 170375.
وعند الحنفية إذا كبر المصلي تكبيرة الإحرام منحنيا وهو أقرب إلى القيام صحت صلاته, وإن كان أقرب للركوع فهي باطلة جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم: ولو جاء إلى الإمام وهو راكع فحنى ظهره، ثم كبر، إن كان إلى القيام أقرب يصح، وإن كان إلى الركوع أقرب لا يصح. انتهى.
وفي الجوهرة النيرة على المذهب الحنفي: وَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إلَى الْإِمَامِ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ مُنْحَنِيًا، إنْ كَانَ إلَى الرُّكُوعِ أَقْرَبَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ. انتهى.
وقد علمتَ مما سبق تفاصيل مذاهب أهل العلم في المسألة، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 187785.
والله أعلم.