الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن بادرت إلى التسجيل الآن حتى تتمكن من الذهاب للحج إن تيسر لك المبلغ، فهذا أمر حسن, ولكن ما دمت لا تملك نفقة الحج الآن فإنك غير مخاطب به ولا تعتبر مستطيعا, فلا يجب عليك أن تسجل من الآن, وذلك أن الاستطاعة شرط لوجوب الحج, وتحصيل سبب الاستطاعة لا يجب، ولذا ينص الفقهاء على أنه لا يجب عليه الكسب في الحضر حتى يحج، كما قال في نهاية المحتاج من كتب الشافعية: كَسْبهُ فِي الْحَضَرِ تَحْصِيلٌ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ وَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ. اهــ.
وإذا كان الفقهاء قد قرروا أن تحصيل شرط الوجوب لا يجب فأولى بعدم وجوب تحصيل سبب الشرط, قال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ تَحْصِيلُ شَرْطِ الْوُجُوبِ، بَلْ إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. اهــ.
فالذي يظهر إذا أنه لا يجب عليك أن تسجل من الآن للحج، ولكن متى تحصلت على نفقة الحج وكنت قادرا بدنيا فقد وجب عليك الحج وعندها تجب عليك المبادرة بالتسجيل، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بخلاف ما لا يتم الوجوب إلا به فإنه ليس بواجب.
والله أعلم.