الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما عن صحة صيامك مع عدم الصلاة: فإن هذا ينبني على حكم تارك الصلاة كسلا، فمن قال إن تارك الصلاة كسلا كافر فإن صيامك لا يصح ولا تطالب بقضائه الآن، لأن الكافر إذا أسلم لم يطالب بقضاء الصيام, وعلى القول بأن تارك الصلاة كسلا ليس بكافر ـ وهو القول الذي نفتي به ـ فإن صيامك صحيح ويلزمك قضاء تلك الصلوات التي تركتها في قول جمهور أهل العلم، وصلاتك وأنت جنب لا تصح أيضا، لأن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط لصحة الصلاة فيلزمك قضاء تلك الصلوات التي صليتها وأنت جنب، وشربك وأنت صائم مفسد للصوم ويلزمك قضاء ذلك اليوم، ولا إثم عليك في الشرب إن بلغ بك العطش مبلغا خشيت فيه على نفسك، وأما إن كان عطشا معتادا فإنك تأثم بالشرب فيه وتلزمك التوبة مع القضاء.
وقولك إنك مرضت ولم تدر هل أفطرت أم لا؟ جوابه أنك إن كنت تقصد أنك شرعت في صيام اليوم الذي مرضت فيه وشككت هل أفطرت أم لا؟ فإنك لا تطالب بقضاء ذلك اليوم، لأن الأصل أنك صائم، وهذا متيقن والفطر مشكوك فيه، ومن المعلوم أن اليقين لا يزول بالشك, وأما إن كان القصد أنك لا تعلم هل شرعت أصلا في صيام اليوم الذي مرضت فيه أم لا؟ فالأصل هو عدم الصيام وأن ذمتك لم تبرأ بعدُ, قال ابن رجب في قواعده: فَالصَّلَاةُ وَالطَّهَارَةُ وَنَحْوُهُمَا كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَادَةٌ فَعَلَيْة مَطْلُوبَةُ الْوُجُودِ إذَا شَكَّ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْهَا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَا يُخْرَجُ مِنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِيَقِينٍ... اهـ.
ومثله قول القرافي في الفروق: إذَا شَكَّ هَلْ صَامَ أَمْ لَا؟ وَجَبَ الصَّوْمُ... اهـ.
وعلى هذا؛ فإنك تطالب بقضاء اليوم الذي شككت في صيامه، لأن الأصل عدم صيامك، وانظر الفتوى رقم: 38087، عن صيام من لا يصلي بين الصحة والبطلان, والفتوى رقم: 164175، عن توبة تارك الصلاة، والفتوى رقم: 194137، عن كيف يقضي الفوائت من لا يعرف عددها, والفتوى رقم: 185467، عن حكم الفطر بسبب العطش.
والله أعلم.