الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن من حق الزوج منع زوجته من الإذن لأحد بالدخول إلى بيته, فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ. متفق عليه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق الزوج على زوجته: وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. رواه مسلم.
قال النووي - رحمه الله -: والمختار أن معناه أن لا يأذن لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم, والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلًا أجنبيًا, أو امراة, أو أحدًا من محارم الزوجة.
لكن لا يجوز للزوج منع والدي زوجته من الدخول عليها, إلا إذا خشي إفسادهما لزوجته، ويرى بعض الفقهاء أنه لا يحق للزوج منع والدي الزوجة من زيارتها - ولو خشي إفسادهما لها - ولكن يمنعان بالقدر الذي تزول به المفسدة، قال الموّاق المالكي - رحمه الله -: ...أما الأبوان فقد سئل مالك عن الرجل يتهم ختنته بإفساد أهله فيريد أن يمنعها عن الدخول عليها, فقال: ينظر في ذلك، فإن كانت متهمة منعت بعض المنع لا كل ذلك، وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها.
وقد ألحق بعض العلماء الإخوة بالأبوين في هذا الحكم, ففي الشرح الصغير للدردير - رحمه الله -: وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَدْخُلُوا لَهَا، وَكَذَا الْأَجْدَادُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةُ مِنْ النَّسَبِ.
وفي منح الجليل شرح مختصر خليل: وَرَوَى ابْنُ أَشْرَسَ وَابْنُ نَافِعٍ: إنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِ امْرَأَتِهِ كَلَامٌ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهَا.
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك برفق وحكمة, وتبيني له أن الخلاف بينه وبين أهلك لا يسوغ له منعهم من زيارتك, أو منعك من زيارتهم, وأن هذا المنع قطع للرحم، وقطع الرحم من كبائر الذنوب، وإذا كان قد حلف بالحرام فلا يمنعه ذلك من الإذن لك بصلة أهلك, ولمعرفة ما يترتب على حنثه في يمينه راجعي الفتوى رقم: 14259.
فإن أصرَّ زوجك على منعك من الإذن لأبويك أو لأخيك فأنت معذورة حينئذ, وإثم القطيعة عليه.
والله أعلم.