الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى بمنه وكرمه قد رفع عنا الحرج, ولم يكلف نفسًا إلا وسعها, وأراد بنا اليسر, ولم يرد بنا العسر فله الحمد، فإذا كنت تعجزين عن شيء من أفعال الصلاة فإنه يسقط عنك, وتأتين بما تقدرين عليه، فإن كنت تعجزين عن السجود على الأرض فإنك تومئين بالسجود قدر استطاعتك, ولا يلزمك أن ترفعي وسادة لتسجدي عليها, وإنما يكفيك الإيماء قدر طاقتك، قال ابن قدامة - رحمه الله -: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ عَلَى بَعْضِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، سَجَدَ عَلَى بَقِيَّتِهَا، وَقَرَّبَ الْعُضْوَ الْمَرِيضَ مِنْ الْأَرْضِ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ؛ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ السُّجُودَ هُوَ الْهُبُوطُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِرَفْعِ الْمَسْجُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ السُّجُودُ عَلَى الْجَبْهَةِ، لِعَارِضٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَقَطَ عَنْهُ السُّجُودُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَغَيْرُهُ تَبَعٌ لَهُ، فَإِذَا سَقَطَ الْأَصْلُ سَقَطَ التَّبَع. انتهى.
وننبهك إلى أنك إن كنت تقدرين على القيام فالقيام واجب عليك، وتركعين إن قدرت على الركوع, وإن عجزت عنه فإنك تومئين به من قيام، قال ابن قدامة - رحمه الله -: وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ، وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقِيَامُ، وَيُصَلِّي قَائِمًا، فَيُومِئُ بِالرُّكُوعِ، ثُمَّ يَجْلِسُ فَيُومِئُ بِالسُّجُودِ, وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. انتهى. فهذا فيما يتعلق بالصلاة.
وأما الطهارة: فإن كنت مصابة بسلس البول - كما ذكرت - فالواجب عليك أن تتوضئي لكل صلاة بعد دخول وقتها, وتصلي بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل؛ حتى يخرج ذلك الوقت ما لم تنقضي وضوءك بناقض معتاد، وعليك أن تتحفظي بوضع خرقة أو نحوها على الموضع؛ لئلا تنتشر النجاسة في ثيابك، ويسهل فقهاء المالكية في أمر هذه النجاسة فيرون العفو عنها, وأنه لا تلزم إزالتها من البدن والثوب, كما لا يلزم عندهم الوضوء لكل صلاة لصاحب السلس، ومذهبهم مبين في الفتوى رقم: 75637.
والله أعلم.