الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله كل خير على حرصِكَ على أن يستقيم الناس على شريعة رب العالمين، وعليك أن تتخذ مسلكًا في الدعوة يقوم على دعوة الناس إلى مُحْكمات الدين, كالصلاة, والصيام, والحجاب, ونحو ذلك مما هو مجمع عليه؛ وذلك قبل أن تأمرهم بغيره مما هو دون ذلك مما أمرَت به الشريعة, كإعفاء اللحية, وترك الإسبال, ونحو ذلك.
وليكن همُّك إيصال المفاهيم الكبرى في الإسلام إلى هؤلاء الأصدقاء قبل دعوتهم التزام الشرع فيما يخالف مألوفهم، ومن هذه المفاهيم حقيقة العبودية لله تعالى، ومعنى قول العبد رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولاً، وكون الانقياد لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم تقتضيه حقيقة إيمان العبد؛ لأنهم لن يستجيبوا لك إن لم يكونوا معظِّمين للآمر الناهي سبحانه وتعالى منقادين لأمره، وانظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 109965 - 59365.
فإذا تقررت عندهم مفاهيم العبودية، وعلموا حق الله على عباده فأعلِمهم حينئذ وجوب إعفاء اللحية, وحرمة إسبال الإزار, وحُرمة استماع الغناء, وغير ذلك.
وأيِّد دعوتك لهم بذِكر النصوص الآمرة بذلك، والنصوص التي فيها الوعيد لمن خالف، واستعن بالأدلة الواردة في الفتاوى التالية: 12984 - 987 - 21266 - 14055.
ولا بد أن تكون رفيقًا غير فظٍ, ولا غليظٍ في دعوتك لهم، وأشعرهم بحُبِّك لهم, وشفقتك عليهم؛ فإن ذلك أرجى أن يستجيبوا لك، وانظر الفتوى رقم: 192439.
وعزِّز جهدك في دعوتهم بدعاء الله تعالى لهم؛ فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، وهو وحده الهادي إلى سواء السبيل.
واصبر على ما قد تجده من العنت في دعوتهم واستهزائهم بك، فأنت على خُطا الأنبياء، وكم لاقى النبي صلى الله عليه وسلم من العنت والاستهزاء من قومه! واعلم أن ثواب الدعوة إلى الله تعالى وهداية الناس عظيم، وانظر الفتوى رقم: 2439.
والله أعلم.