الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزوجة مأمورة شرعًا بأن تحسن عشرة زوجها, كما أن الزوج مأمور بذلك، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}، ومن حق الزوج على زوجته أن تطيعه في المعروف، ومن ذلك إجابتها إياه إذا دعاها إلى الفراش، فإن امتنعت لغير عذر شرعي كانت ناشزًا، وقد بين الشرع الحكيم السبيل إلى علاج نشوز المرأة فراجع فيه الفتوى رقم: 1103, ولا ينبغي للأزواج الغفلة عن هذا النهج الأمثل, والسعي في البحث عن حل من سبيل آخر قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة, ويجب على الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها, ولا يجوز لها الامتناع عن السفر للإقامة معه لغير عذر شرعي، فإن امتنعت لغير عذر كان ذلك أيضًا من النشوز, وكذلك تعالي المرأة على زوجها ورفع صوتها عليه، كل ذلك من النشوز، وانظر الفتوى رقم: 142229.
فالذي نوصيك به هو الصبر, وتحري الحكمة في العلاج, والاستعانة في ذلك بالعقلاء من أقاربك وأقاربها، فإن رجعت إلى صوابها وإلا فانظر في أمر طلاقها، والجأ إليه إن بدا لك أنه الأصلح, والزواج إذا لم تتحقق به مقاصد الشرع كان الفراق أولى، قال ابن قدامة في المغني: وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة, وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكن وحبس المرأة، مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
وأما تصرف هذا الجار فإن صح ما ذكرت من أنه يحرض زوجتك على عدم السفر معك, ويحثها على الشكوى لدى الشرطة - ولم يكن له مبرر في ذلك - فهو ساع بالفساد, وتخبيب زوجتك عليك، وهذا من الإثم المبين، ثبت في سنن أبي داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من خبب امرأة على زوجها...الحديث, وينبغي للزوجين الحرص على حل مشاكلهما بينهما, وعدم إطلاع الغير عليها إلا بما تقتضيه الحاجة، وفي حالة الحاجة يستشار الناصح الأمين.
والله أعلم.