الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث النبوي الشريف إما أن يكون مقبولا أو مردودا، والحديث المقبول هو الذي توفرت فيه شروط القبول المعروفة عند أهل العلم بأن كان صحيحا، أو صحيحا لغيره، أو حسنا أو حسنا لغيره- وحكمه وجوب العمل به إذا سلم من المعارض ومن الناسخ ونحو ذلك مما هو مبسوط في محله.
و ما في الصحيحين أو أحدهما فإنه صحيح تلقته الأمة بالقبول؛ قال النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: .. وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب في كون ما فيهما صحيحا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقا، وما كان في غيرهما لا يعمل به حتى ينظر، وتوجد فيه شروط الصحيح.
وهذا يتضمن الإجابة على قولك: وهل إذا كان حديثا ذكره مسلم أو البخاري وقال صحيح..
أما الأدلة على العمل بالحديث المقبول من القرآن والسنة فهي كثيرة ؛ فمنها على سبيل المثال قول الله تعالى:وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {الحشر:7}، وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {التغابن:12}.
وأما قولك: هل من اتبعه وعمل به يكتب له الأجر؛ فجوابه أن كل من عمل بما في الصحيحين فهو مأجور -إن شاء الله تعالى-؛ والعمل بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتبر من طاعته التي هي سبب في دخول الجنة ؛ فقد روى البخاري أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى.
وأما الحديث الذي ذكرت في المثال فلم نقف عليه بعد البحث عنه في ما تيسر لنا البحث فيه من دواوين السنة، وقد ورد في المستدرك على الصحيحين وعند الطبراني في الكبير وغيره: من برّ والديه طوبى له زاد الله في عمره. وهو حديث ضعيف كما قال الألباني وغيره. ويغني عنه ما جاء في الصحيحين وغيرهما مرفوعا: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه..
وأما حكم الحديث الضعيف فإنه لا يعمل به في العقائد ولا في الحلال والحرام، وقد جوَّز بعضهم العمل به في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب بشروط سبق بيانها في الفتويين: 41058، 13202.
وأما قولك هل إذا كان هذا الحديث كذبا على رسول الله وأخرجه البخاري.. فجوابه أن هذا السؤال في غير محله، وغير واقعي؛ فليس في البخاري ما هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم.
والله أعلم.