الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من الأعمال التي تلحق صاحبها بعد موته ولد صالح يدعو له، ومثله أخ أو قريب أوصديق يدعو له، والدعاء له مشروع دائماً؛ لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ {الحشر:10}، وفي الحديث: من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة. رواه الطبراني، وقال الهيثمي: إسناده جيد، وحسنه الألباني.
ومن جملة الدعاء المستحسن أن تدعو الله تعالى أن يكفر عن الميت خطاياه كلها، فالله سبحانه هو غفار الذنوب جميعا. {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53].
ولك أن تطلب من كل من يعرفه أن يسامحه ويصفح عنه إذا كان قد قصر في حق أحدهم، وكذلك يجوز لك أن تتصدق عنه، أو تحج أو تعتمر.
أما بالنسبة لقراءة القرآن فقد اختلف فيها العلماء، فذهب أحمد وأبو حنيفة وغيرهما، وبعض أصحاب الشافعي إلى أن الميت ينتفع بذلك، وذهب مالك في المشهور عنه والشافعي إلى أن ذلك لا يصل للميت، وانظر فتوانا رقم: 44484.
والأولى أن تستغفر له وتتصدق عنه، ولك أجر في كل ما تعمله من أعمال صالحة، وللميت أجر الإهداء.
والله أعلم.