الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة وقت اغتصابها بائنة لكونها طلقت قبل الدخول بها أو لكون عدتها قد انتهت، فما حصل من مطلقها من إكراهها على الجماع يعتبر زنا ـ والعياذ بالله ـ وقد اختلف أهل العلم في عدة المزني بها، والأحوط ـ والله أعلم ـ أنها كعدة المطلقة ـ وهي ثلاث حيضات لمن تحيض ـ قال ابن قدامة رحمه الله: وَالْمَزْنِيُّ بِهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ، وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، ذَكَرهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحِفْظِ النَّسَبِ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَنَا أَنَّهُ وَطْءٌ يَقْتَضِي شَغْلَ الرَّحِمِ، فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُ، كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ.
وأما بخصوص قضاء الصيام والكفارة: فقد سبق أن بينا في الفتاوي التالية أرقامها حكمهما بالنسبة للمكرهة على الجماع: 111893، 1113، 41607.
وأما عن إسقاط الحمل: فقد بينا كلام العلماء فيه في الفتوى رقم: 44731.
وأما حد المغتصب: فهو حد الزاني، وهو الرجم للمحصن والجلد مائة وتغريب عام للبكر، ويرى بعض العلماء أن عليه مهر المرأة، وانظر الفتوى رقم: 19424.
ولا يطلق على المكرهة على الزنا اسم الزانية، ولا يمنع من زواجها ما تعرضت له من اغتصاب، وإذا كانت ذات دين وخلق فنرجو أن يؤجر الرجل ـ بإذن الله ـ في زواجها إذا نوى سترها وجبر خاطرها، ونصيحتنا لهذه المرأة أن تصبر وتستقيم على طاعة الله وتحسن الظن بالله فإنه رحيم ودود.
والله أعلم.