الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاعتكاف كما عرفه العلماء هو لزوم المسجد بقصد التعبد لله عز وجل، وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع فأما الكتاب: فلقوله تعالى: وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {البقرة:187}.
وأما السنة: فلأحاديث كثيرة ثابتة في الصحيحين وغيرهما تدلُ على ثبوت الاعتكاف من فعله صلى الله عليه وسلم.
وأما الإجماع: فقد قال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضاً، إلا أن يوجب المرء على نفسه الاعتكاف نذراً، فيجب عليه. انتهى.
ويتأكد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، وعليه فنقول للسائل يسن في حقك الاعتكاف ولو كانت حالك في الخشوع في الصلاة أفضل من صلاتك مع الناس، فإن ذلك لا يغير شيئا في حكم الاعتكاف، والأولى أن تصلي التراويح جماعة مع الناس، وحاول أن تحضر قلبك فيها، ولك أن تقوم بعد ذلك وحدك بما شئت من قراءة القرآن ومن المعلوم أن المعتكف قد ينفرد بنفسه وقد لا ينفرد، وهو مع ذلك في عبادة، قال ابن القيم في مدارج السالكين: والأفضل في العشر الأخير من رمضان لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم وإقرائهم القرآن عند كثير من العلماء. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 112886.
أما عن الجزء الأخير من السؤال: فالذي عليه أكثر الفقهاء أن صلاة التراويح مع الجماعة أفضل من الانفراد بها، ويرى المالكية أن الانفراد بها أو صلاتها في البيوت ولو جماعة أفضل إن لم تعطل المساجد، فإن خيف من الانفراد في التراويح التعطيل فالمساجد أفضل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 100169.
والله أعلم.