الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الغضب أو العصبية أو المرض النفسي قد يكون المرء معه في حال لا يقع فيها طلاقه، كما يمكن أن يكون في حال يقع معها فيها طلاقه، ومن هنا فإننا لا نستطيع أن نجزم لك في مسألتك هذه بشيء، فالأولى مشافهة بعض العلماء حتى يستفصل الزوج عن حاله حين تلفظه بالطلاق، أو مراجعة المحكمة الشرعية. ونرجو مطالعة الفتوى رقم 19625والفتوى رقم 35727 وهي بخصوص الطلاق في الغضب أو تحت تأثير المرض أو المخدر.
والذي يمكننا قوله هنا إجمالا هو أنه بخصوص تكرير الزوج لفظ الطلاق على النحو الذي ذكرته، فالحكم فيه أنه إن قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعل ما بعدها تأكيدا لها، أو لم يقصد شيئاً، لزمته طلقة واحدة، وإن قصد إنشاء الطلاق بثلاث منها فأكثر لزمته ثلاث طلقات عند جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد، قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل ـ وإن قصد الإيقاع وكرر الطلقات، طلقت ثلاثاً، وإن لم ينو شيئاً لم يقع إلا واحدة لأنه لم يأت بينهما بحرف يقتضي المغايرة، فلا يكن متغايرات.اهـ. هذا أولا.
وإذا طلُقت الزوجة ثلاث طلقات فإنها تبين من زوجها بينونة كبرى فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول. وقبل ذلك لا يلحقها ما يلقيه عليها من تطليق أو تحريم.
ثانيا: اختلف الفقهاء في حكم تحريم الزوج زوجته، والراجح أنه يرجع فيه إلى نية الزوج إن قصد بذلك ظهارا أو طلاقا أو يمينا. وانظري الفتوى رقم 30708.
ثالثا: قول الزوج لزوجته: تراك طالق. يقع بها الطلاق.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء في جواب من سأل قائلا: لقد حصل منازعة كلام وزعل بيني وبين زوجتي، وقد قلت لها: تراك طالق، ولم يكن قصدي الطلاق فعلا... قول اللجنة: إذا كان الواقع كما ذكرت اعتبر ما حصل منك طلقة واحدة....
وننبه إلى أنه إذا حصل الطلاق كانت حضانة الأولاد لأمهم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت انتقلت حضانتهم إلى من هي أولى بهم بعدها من النساء حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء وهو مبين بالفتوى رقم 6256. وإذا كان الأب فاسقا فلا حق له في حضانة أولاده، لأن الفسق مسقط للحضانة على الراجح من أقوال الفقهاء، وراجعي الفتوى رقم 9779.
والله أعلم.