الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب هذا سهل ميسور على كل مسلم، وهو أن يجيب بأن الله تعالى نهانا في كتابه عن تمكين المشركين من دخول الحرم وعلل سبحانه ذلك بأنهم نجس، فعقيدتهم فاسدة وهم لا يتنزهون عن الأنجاس وما كان كذلك فإنه لا يجوز أن يمكن من دخول أطهر البقاع وأحبها إلى الله تعالى، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا {التوبة:28}.
قال الشيخ رشيد رضا رحمه الله: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ـ أَيْ: لَيْسَ الْمُشْرِكُونَ كَمَا تَعْلَمُونَ مِنْ حَالِهِمْ إِلَّا أَنْجَاسًا فَاسِدِي الِاعْتِقَادِ، يُشْرِكُونَ بِاللهِ مَا لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، فَيَعْبُدُونَ الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، وَيَدِينُونَ بِالْخُرَافَاتِ وَالْأَوْهَامِ، وَلَا يَتَنَزَّهُونَ عَنِ النَّجَاسَاتِ وَلَا الْآثَامِ، وَيَأْكُلُونَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ مِنَ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ وَيَسْتَحِلُّونَ الْقِمَارَ وَالزِّنَا مِنَ الْأَرْجَاسِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَيَسْتَبِيحُونَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَقَدْ تَمَكَّنَتْ صِفَاتُ النَّجَسِ مِنْهُمْ حِسًّا وَمَعْنَى حَتَّى كَأَنَّهُمْ عَيْنُهُ وَحَقِيقَتُهُ، فَلَا تُمَكِّنُوهُمْ بَعْدَ هَذَا الْعَامِ أَنْ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِدُخُولِ أَرْضِ الْحَرَمِ فَضْلًا عَنْ دُخُولِ الْبَيْتِ نَفْسِهِ وَطَوَافِهِمْ عُرَاةً فِيهِ، يُشْرِكُونَ بِرَبِّهِمْ فِي التَّلْبِيَةِ، وَإِذَا صَلَّوْا لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُمْ عِنْدَهُ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً. انتهى.
فهذا هو دليل منع المشركين من دخول مكة ـ حرسها الله ـ وهذه هي علة النهي وهي كون المشركين نجسي الاعتقاد فتنزه أشرف البلاد وأطهرها عنهم وعن عقائدهم الباطلة، على أن المسألة ليست مجمعا عليها، وإنما ذهب إلى هذا القول الجمهور من العلماء وقولهم هو الراجح،، قال البغوي: وجوز أهل الكوفة للمعاهد دخول الحرم. انتهى.
والله أعلم.