الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها الأخ الكريم أن رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، وأنه سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، فلا تيأس من رحمته ولا تقنط من روحه فإنه سبحانه غفور رحيم، وهو سبحانه بر بعباده لطيف بهم، فحسن ظنك به فإنه سبحانه عند ظن العبد به، واعلم أن قنوطك من رحمة الله أعظم بكثير مما أنت مقيم عليه من الذنب، وهذا من كيد الشيطان فإنه هو الذي يزين لك هذا المنكر العظيم ويوهمك أنك من أهل النار ولا بد، وليس الأمر كذلك إن شاء الله، فما دمت موحدا تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإنك من أهل الجنة ولا بد، وما تفعله من المعاصي لا يحول بينك وبين رحمة الله تعالى، فلا تتبعها بمعاصي أخطر منها وأشد، فإياك ثم إياك وترك الصلاة فإنه من أعظم الآثام وأكبر الموبقات، وإياك ومحاولة قتل نفسك فإنك بذلك تورد نفسك موارد الهلكة، بل افعل ما تقدر عليه من طاعة الله ولا تترك شيئا من طاعته لأجل تلبسك بشيء من المعصية فإن هذا من كيد الشيطان، وإذا كنت قد خلطت عملا صالحا وآخر سيئا فإن توبة الله قريبة منك فقد قال تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {التوبة:102}، وعسى من الله تعالى واجبة، بل الأولى بك أن تكثر من فعل الحسنات التي تذهب أثر هذه المعاصي فإن الله تعالى يقول: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ {هود:114}. ويقول صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها. واعلم أن كل بني آدم خطاء، والله تعالى هو التواب الرحيم، فتب إليه واستعن به على الاستقامة على الشرع، واعلم أن باب التوبة مفتوح ما دامت الروح في الجسد، فإن عدت وزللت وفعلت المعصية فكرر التوبة فلا يزال الله يغفر لك ما دمت تذنب وتتوب مهما تكرر ذلك منك، وانظر الفتوى رقم: 152011 وأما الزواج فمتى أمكنك فعله فتزوج فإنه أعظم عاصم بإذن الله من هذه الشرور، ولا تلتفت لما يقع في قلبك من الوساوس والأوهام بل توكل على الله وامض لأمرك مستعينا بربك عالما أن الخير كله بيديه سبحانه، ولحين تتمكن من هذا فعليك بالصيام والإكثار من الدعاء وصحبة الصالحين ونحوها من الوسائل المعينة على الاستقامة وترك ما تفعله من المحرمات، نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا.
والله أعلم.