الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى لك ألا تتعمد الذهاب إلى المسجد الثاني لتصلي فيه، فقد نص فقهاء الحنابلة على أنه لا يستحب دخول المسجد في وقت النهي لإعادة الجماعة وإن كان ذلك جائزا، قال ابن قدامة: إنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الدُّخُولُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ مَعَهُمْ، وَإِنْ دَخَلَ وَصَلَّى مَعَهُمْ فَلَا بَأْسَ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ خَبَرِ أَبِي مُوسَى، وَلَا يُسْتَحَبُّ، لِمَا رَوَى مُجَاهِدٌ، قَالَ: خَرَجْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ دَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ حَتَّى إذَا نَظَرَ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إذَا النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى صَلَّى النَّاسُ، وَقَالَ: إنِّي صَلَّيْت فِي الْبَيْتِ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ. انتهى.
والصحيح عند الشافعية استحباب الإعادة مطلقا، فما تفعله لا حرج فيه على قولهم، قال النووي: إذَا صَلَّى جَمَاعَةً ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً أُخْرَى فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ مِنْهَا عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا لِلْحَدِيثِ. انتهى.
فإن اخترت أن تفعل هذا فإنك تنوي الثانية صبحا معادة، ويجوز أن تنويها نفلا، قال ابن قدامة: لَا يَنْوِي الثَّانِيَةَ فَرْضًا، لَكِنْ يَنْوِيهَا ظُهْرًا مُعَادَةً، وَإِنْ نَوَاهَا نَافِلَةً صَحَّ.
وقال النووي: يَنْوِي الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ مَثَلًا وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ وَالْأَدِلَّةُ. انتهى.
ويجوز لك أن تنوي ما عليك من صلاة فائتة، واعلم أن مذهب الجمهور وجوب قضاء هذه الفوائت على الفور وأنه يلزمك أن تبادر بقضاء ما تعمدت تركه من صلوات بما لا يضر ببدنك أو بمعيشة تحتاجها، ولا تشتغل بالتنفل ما دام عليك قضاء، وانظر الفتوى رقم: 70806 .
والله أعلم.