الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذكر ليس من الأذكار الواردة عند الأذان والإقامة حسب اطلاعنا ، ومع ذلك فلا مانع شرعا من الإتيان به بعد الإقامة أو الأذان ، لأنه من أعظم الأذكار وأجلها ، لكن لا ينبغي التزامه باعتباره سنة ، لعدم ورود ذلك ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذكار المرغب فيها عند الأذان ، كما في صحيح مسلم : عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا. غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ ». قَالَ ابْنُ رُمْحٍ فِى رِوَايَتِهِ « مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ وَأَنَا أَشْهَدُ ». وَلَمْ يَذْكُرْ قُتَيْبَةُ قَوْلَهُ وَأَنَا.
وهذا الذكريقال إجابة للمؤذن عند إتيانه بالشهادتين ، وقيل يقال عند سماع قوله لا إله إلا الله عند نهاية الأذان ، ففي شرح رياض الصالحين للشيح محمد بن صالح العثيمين عند الكلام على الأحاديث الواردة عند سماع الأذان : أما من قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا فهذه تقال إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله وكنت معه فقل هذا . انتهى
وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح : قوله: (من قال حين يسمع المؤذن) أي قوله، وهو يحتمل أن يكون المراد به حين يسمع تشهده الأول أو الأخير، وهو قوله آخر الأذان: لا إله إلا الله، وهو أنسب ، .. ولأن قوله بهذه الشهادة في أثناء الأذان ربما يفوته الإجابة في بعض الكلمات الآتية. انتهى
وفي شرح سنن أبي داود للشيخ عبد المحسن العباد عند ذكر الحديث المذكور : وهذا يدل ، على فضل هذا الذكر عند الأذان، ويحتمل أنه يؤتى به عند الشهادتين، أي: عند قول المؤذن: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله) وبعض أهل العلم يقول: إنه يؤتى به بعد الأذان. انتهى
علما بأنه قد اختلف في الأدعية الواردة عند الأذان هل تستحب عند الإقامة أيضا باعتبارها أذانا ، أو هي تخص الأذان ، فالكثير من العلماء لم يفرقوا بين الأذان والإقامة في ذلك ، فيستحب عند سماع الإقامة وبعدها مثل ما يستحب عند سماع الأذان ، وما يستحب بعده وعلى هذا القول فيستحب الإتيان بهذا الدعاء بعد الإقامة بناء على احتمال أنه يقال بعد الأذان لعدم التفريق بينهما في استحباب الأدعية الواردة عند الأذان ، ففي فتاوى اللجنة: وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سَمِعتُم المؤذِّن فقُولُوا مِثْلَ ما يَقُول. وهذا يعم الأذان والإقامة؛ لأن كلاً منهما يسمى أذاناً. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد قول المقيم: (لا إله إلا الله) ويقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة... إلخ كما يقول بعد الأذان، ولا نعلم دليلاً يصح يدل على استحباب ذكر شيء من الأدعية بين انتهاء الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام سوى ما ذكر. انتهى
وانظرالفتوى رقم :9391، والفتوى رقم : 124008.
والله أعلم.