الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فالمرأة المحرمة ممنوعة من تغطية وجهها بنقاب أو برقع، ولا فرق بين أن تخيطه بملابسها أو لا تخيطه، فتغطية الوجه ممنوع على كل حال إلا إذا كانت بحضرة رجال أجانب فإنها تغطي وجهها لقول عائشة رضي الله عنها : كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ. رواه أحمد و أبو داوود .
وما أفتوك به من جواز تغطية الوجه بالخمار إذا خيط بالثياب لعل مأخذهم فيه ما ذكره الفقهاء من أن المحرمة تسدل ثوبها من فوق رأسها على وجهها عند محاذاة الرجال لقول عائشة: سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا. فرأوا أنه لو خيط بالثوب أو الجلباب صار في حكمه, وهذا ليس صوابا فيما نرى فلو خاطت المرأة البرقع أو النقاب بغطاء رأسها وغطت به وجهها من غير أن يكون لها داع في ذلك فقد ارتكبت المحظور.
أو يكون مأخذهم فيما أفتوك به هو ما ذهب إليه بعض العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية و ابن القيم ومال إليه ابن عثيمين رحم الله الجميع من أن المحرمة ليست ممنوعة من تغطية وجهها بالكلية وإنما تمنع من البرقع والنقاب لأنه لباس خاص مفصل للوجه وأنه يجوز لها ستر وجهها بما ليس من لباس الوجه، كما يجوز لها تغطية يديها بغير القفازين لأنهما مفصلان لليد.
قال شيخ الإسلام في شرح العمدة : النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين. ولم ينهها عن تخمير الوجه مطلقا، فمن ادعى تحريم تخميره مطلقا فعليه الدليل بل تخصيص النهي بالنقاب وقرانه بالقفاز دليل على أنه إنما نهاها عما صنع لستر الوجه كالقفاز المصنوع لستر اليد والقميص المصنوع لستر البدن، فعلى هذا يجوز أن تخمره بالثوب من أسفل ومن فوق ما لم يكن مصنوعا على وجه يثبت على الوجه وأن تخمره بالملحفة وقت النوم .. اهــ .
والمفتى به عندنا أن المحرمة ممنوعة من تغطية الوجه مطلقا إلا بحضرة الرجال، ومن غطت وجهها جاهلة بالحكم فلا شيء عليها .
والذي نراه في مسألتك أنه لا يلزمك شيء لكونك عملت بفتوى صدرت من أهل العلم، والأفضل لك مستقبلا أن لا تغطي وجهك بشيء عند الإحرام ما دمت في مكان لا يراك فيه الرجال خروجا من الخلاف .
والله أعلم.