الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمطالبة بالحق ليست من الظلم في شيء، بل منع الحق من صاحبه هو الظلم، ووالد السائل إن كان ترك ميراثا، فللسائل حق شرعي فيه كبقية الورثة، فإن كان في التركة عقار ـ كما هو الحال هنا ـ فلا يجوز للوصي على اليتيم أن يبيع شيئا من عقاره إلا إذا دعت الحاجة أو كان ذلك أحظ له، قال الشيرازي في المهذب: لا يبيع له العقار إلا في موضعين:
أحدهما: أن تدعو إليه الضرورة بأن يفتقر إلى النفقة وليس له مال غيره ولم يجد من يقرضه.
والثاني: أن يكون له في بيعه غبطة وهو أن يطلب منه بأكثر من ثمنه فيباع له ويشتري ببعض الثمن مثله. اهـ.
وجاء في مجمع الضمانات: قال الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني: على قول المتأخرين لا يجوز للوصي بيع العقار إلا بشرائط: أن يرغب إنسان في شرائها بضعف قيمتها أو يحتاج الصغير إلى ثمنها لنفقته، أو يكون على الميت دين لا وفاء له إلا بثمنها. اهـ.
ونحن لا يمكننا الحكم على بيع نصيب السائل من هذه الأرض، لأننا لا نعرف السبب الذي دعا أخاه الأكبر لبيعه، وهل كان هو الوصي على أخيه أم لا؟ وهل باع الأرض ليشتري أرضا أكبر للورثة فيكون لهم جميعا حق فيها؟ وهل بنى البيت لهم بثمن الأرض أم لا؟ كل هذا يمنعنا عن الحكم في المسألة، وننبهك إلى أن أمر التركات وسائر الحقوق المشتركة أمور خطيرة وشائكة للغاية، فلا بد من رفعها للمحاكم الشرعية أو ما ينوب منابها، للنظر والتحقيق والتدقيق والبحث في الأمور الخفية العالقة بالقضية، وإيصال الحقوق لذويها، ولا يمكن الاكتفاء في مثل هذه الأمور بمجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، خاصة إذا كانت متشابكة ومتطاولة الزمان ومتعددة الأطراف، وذات أبعاد لا يمكن أن يحاط بها عن طريق سؤال مكتوب.
والله أعلم.