الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا جريمة منكرة وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا*إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان: 40،69،68}.
وقال تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً. {الإسراء:32}.
فالواجب على ذلك الشخص أن يبادر إلى التوبة مما ارتكبه من الإثم.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان الزاني بالمرأة تحرم عليه بنت أختها أم لا، والراجح أنها لا تحرم عليه وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند المالكية، كما سبق بيانه في الفتويين: 162845، 45137.
والزانية لا عدة عليها عند الشافعية والحنفية، وأما المالكية والحنابلة فالمعتمد عندهم أنها تستبرأ بثلاث حيضات، وفي رواية أنه يكفي استبراؤها بحيضة واحدة، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية القول بالاستبراء.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في عدة الزانية على ثلاثة أقوال:
القول الأول: ذهب الحنفية والشافعية والثوري إلى أن الزانية لا عدة عليها، حاملا كانت أو غير حامل، وهو المروي عن أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم، واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجرـ ولأن العدة شرعت لحفظ النسب، والزنا لا يتعلق به ثبوت النسب ولا يوجب العدة.
الْقَوْل الثَّانِي: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَدَى الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ: أَنَّ الْمَزْنِيَّ بِهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ، لأِنَّهُ وَطْءٌ يَقْتَضِي شُغْل الرَّحِمِ، فَوَجَبَتِ الْعِدَّةُ مِنْهُ، وَلأِنَّهَا حُرَّةٌ فَوَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا بِعِدَّةٍ كَامِلَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ.
الْقَوْل الثَّالِثُ: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى أَنَّ الزَّانِيَةَ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلاَ غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً. انتهى.
وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 103618.
وبناء على ما سبق فالراجح أنه يجوز لمن زنى بامرأة أن يتزوج ببنت أختها، وعدة الخالة عند من يقول بها لا علاقة بينها وبين الزواج ببنت أختها، وبالتالي فلا مانع لمن أراد الزواج ببنت الأخت -عند من يقول بصحته- أن يتزوج بها قبل انقضاء عدة الخالة.
والله أعلم.