الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أسئلتك السابقة تفيد أنك مبتلى بالوسوسة، واعلم أن مجرد شكك في وقوعك في الكفر لا يلزم منه ارتدادك، ومن دخل في الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى12/466.
وقد ذكر أهل العلم أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وقال الملا علي قارئ في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد على إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم. انتهى.
وقد ضبط العلماء ما يوقع في الردة، قال النووي في المنهاج: الردة هي: قطع الإسلام بنية أو قول كفر أو فعل، سواء قاله استهزاء أو عنادا أو اعتقادا، فمن نفى الصانع أو الرسل أو كذب رسولا أو حلل محرما بالإجماع كالزنا وعكسه، أو نفى وجوب مجمع عليه أو عكسه، أو عزم على الكفر غدا أو تردد فيه كفر، والفعل المكفر ما تعمده استهزاء صريحا بالدين أو جحودا له كإلقاء مصحف بقاذورة وسجود لصنم أو شمس. انتهى.
وقال الشيخ مرعي الكرمي ـ رحمه الله ـ في دليل الطالب: المرتد وهو من كفر بعد إسلامه، ويحصل الكفر بأحد أربعة أمور: بالقول كسب الله تعالى ورسوله أو ملائكته، أو ادعاء النبوة، أو الشرك له تعالى، وبالفعل كالسجود للصنم ونحوه وكإلقاء المصحف في قاذورة، وبالاعتقاد كاعتقاده الشريك له تعالى أو أن الزنا أو الخمر حلال أو أن الخبز حرام ونحو ذلك مما أجمع عليه إجماعا قطعيا وبالشك في شيء من ذلك. انتهى.
فعلى العبد أن يخاف من الوقوع في الشرك وأن يبتعد عنه أشد البعد، ولكن لا ينبغي أن يكون موسوسا كلما حصل منه شيء اتهم نفسه بالكفر، والعلاج الناجع للوساوس هو الإعراض عنها، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، وراجع فتوانا رقم: 117523.
والله أعلم.