الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص فقهاء الحنابلة على أنه لا يشرع للمسبوق إكمال التشهد، وإنما يكرر التشهد الأول ندبا، لأن هذا ليس موضع إكمال التشهد، قال في كشاف القناع: وَيُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ نَصًّا، حَتَّى يُسَلِّمَ إمَامُهُ ـ التَّسْلِيمَتَيْنِ، لِأَنَّهُ تَشَهُّدٌ وَاقِعٌ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَلَمْ تُشْرَعْ فِيهِ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَوَّلِ، قُلْت: وَهَذَا عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ فَإِنْ كَانَ مَحَلًّا لِتَشَهُّدِهِ الْأَوَّلِ فَالْوَاجِبُ مِنْهُ الْمَرَّةُ الْأُولَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَإِنْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ أَيْ الْمَسْبُوقِ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ وَلَمْ يُتِمَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَة الصَّلَاة.
واختار الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ مشروعية إكماله، وهو قول متجه ويقويه ما ذهب إليه بعض العلماء من مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول كما هو قول الشافعية، قال الشيخ ابن عثيمين: والمسبوق يكمل التشهد ولا حرج عليه. انتهى.
فإذا عرفت هذا فالمسألة من مسائل الاجتهاد، وهذا مأخذ كلا القولين، ولا حرج على العالم في أن يرجح ما يبدو له، ولا على العامي في أن يقلد من يثق بقوله من العلماء، فالأمر واسع ـ والحمد لله ـ ولا يطلب رفع الخلاف في مثل هذه المسائل الاجتهادية اليسيرة.
والله أعلم.