الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:
فإن هذه الألفاظ كلها تدخل في عموم العطية، فمن دفع شيئا إلى شخص محتاج يريد به ثواب الآخرة فهذه تسمى صدقة.
وإن أعطى أحدا شيئا من أجل التودد إليه أو محبته أو نحو ذلك فيسمى هدية، وإن لم يقصد شيئا من ذلك كان هبة ونحلة وعطية .
ففي مطالب أولي النهى ممزوجا بمتن غاية المنتهى :( فمن قصد بإعطاء ) لغيره ( ثواب الآخرة فقط ) فعطيته على هذا الوجه ( صدقة و ) إن قصد بإعطائه ( إكراما أو توددا أو مكافأة فعطيته ( هدية وإلا بأن لم يقصد بإعطائه شيئا مما ذكر فما أعطى ( هبة وعطية ونحلة ) أي : يسمى بذلك فالألفاظ الثلاثة متفقة معنى وحكما ( ويعم جميعها لفظ العطية ) لشمولها لها ( وهي ) أي : المذكورات من صدقة وعطية وهدية ( مستحبة لمن قصد بها وجه الله ) تعالى كالهبة ( لعالم وصالح وفقير و ) ما قصد به ( صلة الرحم ) بل الصدقة على قريب محتاج افضل من العتق لما في الصحيحين عند ميمونة : أنها أعتقت وليدة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك فقال : لو أعطيتها لأخوالك كان أعظم لاجرك ولا ريب أن الصدقة أفضل من الهبة، قال الحارثي : وجنس الهبة مندوب لشموله معنى التوسعة على الغير ونفي الشح قال : والفضل فيها يثبت بإزاء ما قصد به وجه الله تعالى ولا خير فيما قصد به رياء أو سمعة انتهى ولا تستحب إن قصد بها مباهاة أو رياء أو سمعة بل تكره لقوله عليه الصلاة والسلام : من يسمع يسمع الله به ومن يرائي يرائي الله به متفق عليه ( قال الشيخ ) تقي الدين ( والصدقة أفضل من الهبة ) لما ورد فيها مما لا يحصر ( إلا أن يكون فيها ) أي : الهبة ( معنى يقتضي تفضيلها ) على الصدقة ( كالإهداء له صلى الله عليه وسلم محبة و ) كالإهداء ( لقريب لصلة الرحم أو ) الإهداء ( لأخ في الله ) فهذا قد يكون أفضل من الصدقة على غيره ( والهدية تذهب الحقد ) لحديث أبي هريرة مرفوعا : تهادوا فإن الهدايا تذهب وحر الصدر والوحر بفتح الحاء المهملة : الحقد والغيظ ( وتجلب المحبة ) لحديث : تهادوا تحابوا .انتهى
والله أعلم.