الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما ذكر في السؤال جرم كبير وذنب عظيم. فسب المؤذن إن كان لتأخره في الأذان أو لرداءة صوته فإنه فسق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه. وإن سب المؤذن كرها للأذان وانزعاجا منه فإنه يكفر بذلك والعياذ بالله، وكذا الاستهزاء ببعض شعائر الدين كاللحية والتقصير للثياب يكفر به المستهزئ إن علم أنهما من شعائر الدين.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم من سخر بصاحب اللحية ورافع ثوبه عن كعبيه؟ فأجاب قائلاً:
من سخر بصاحب اللحية ورافع ثوبه عن كعبيه فإن قصد السخرية بعمله وهو يعلم أنه من شريعة الله- تعالى -، فقد سخر من شريعة الله - تعالى - وإن قصد السخرية بالشخص نفسه لدوافع شخصية فإنه لا يكفر بذلك. اهـ . من مجموع فتاواه.
ومثله الاستهزاء بأهل الدين يكفر به فاعله إن استهزئ بهم لاستقامتهم وليس لأشخاصهم. قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق لأن الله قال عن المنافقين : { الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم }. ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة ، والاستهزاء بالشريعة كفر ، أما إذا كانوا يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك ؛ لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله ، لكنهم على خطر عظيم ... اهـ من مجموع فتاواه.
وقولك ( عدم التصديق بالمعجزات ) إن كان المقصود به التكذيب بالمعجزات أصلا، ويكذب بوجودها مطلقا فلا شك أن هذا كفر مخرج من الملة؛ لأنه تكذيب بما أخبر به الله في كتابه، ولا يكاد يعتقده مسلم، والقرآن مليء بذكر المعجزات التي أيد الله بها أنبياءه ورسله والمعجزات التي أجراها الله على عباده كإحياء الذي مر بالقرية وهي خاوية على عروشها، وإحياء الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف، وأصحاب الكهف وغير ذلك. فالتكذيب بوجود المعجزة أصلا كفر. وأما إن كان المقصود أنه يكذب بالمعجزات التي قد تقع ويشكك في كونها تدخل في دائرة المعجزات، وهو يؤمن بالمعجزات في الأصل فهذا ليس بكفر.
وأما كون الأرض لا تأكل أجساد الشهداء، فإن ذلك أمر لم نقف له على دليل مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال به بعض أهل العلم، وبالتالي فإن عدم التصديق به ليس كفرا قطعا.
والله أعلم.