الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحكم بالردة من الأحكام الخطيرة التي يترتب عليها جملة من الأحكام الشرعية في النفس و المال وغيرهما، فلا يصح أن يخوض في ذلك إلا أهل العلم الراسخون المؤهلون للحكم على الأعيان. ثم مع افتراض صحة الحكم بردة واحد من الناس، فإن القيام بحد الردة لا يصح أن يوكل إلى آحاد الناس، بل هذا إلى السلطان ونوابه، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 17707، 123589، 29819.
وجاء في (الموسوعة الفقهية): اتفق الفقهاء على أنه لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه، وذلك لمصلحة العباد، وهي صيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم. والإمام قادر على الإقامة لشوكته ومنعته، وانقياد الرعية له قهرا وجبرا، كما أن تهمة الميل والمحاباة والتواني عن الإقامة منتفية في حقه، فيقيمها على وجهه فيحصل الغرض المشروع بيقين، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود، وكذا خلفاؤه من بعده. اهـ.
وجاء في موضع آخر منها: اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد مسلم فقد أهدر دمه، لكن قتله للإمام أو نائبه، ومن قتله من المسلمين عزر فقط؛ لأنه افتات على حق الإمام؛ لأن إقامة الحد له. اهـ.
وأما في حال عدم وجود السلطان أو القضاء الشرعي الذي يطبق الحدود، فإن على المسلمين بعد تأكدهم من تحقق شروط الحكم بالردة وانتقاء الموانع أن يعاملوا المرتد معاملة الكافر، فلا يناكحونه ولا يتوارثون معه، وتفارقه زوجته، إلى غير ذلك من الأحكام، وأهمها أن يحرصوا على هدايته وتوبته إلى الله تعالى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59146.
والله أعلم.