الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا حرج على الذاهب إلى الصلاة في إلقاء السلام على من لقيه في الطريق، بل يستحب له ذلك؛ لأنه من إفشاء السلام. ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه. صححه الألباني.
وما ذكر من تقديم تحية المسجد على السلام على الحاضرين محله إذا دخل المسجد، فإنه يقدمها على السلام على الحاضرين؛ لأن تحية المسجد حق الله تعالى ، والسلام على الخلق حق لهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدىء بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق الله تعالى، والسلام على الخلق هو حق لهم ، وحق الله في مثل هذا أحق بالتقديم، .قال: وكانت عادة القوم معه هكذا، يدخل أحدهم المسجد ، فيصلي ركعتين ، ثم يجيء، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا، فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة أن يقول عند دخوله : بسم الله والصلاة على رسول الله، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم .انتهى بحذف قليل.
وما ذهب إليه ابن القيم من تقديم تحية المسجد على السلام على من في المسجد بإطلاق محل نظر عند ابن رجب إذ يقول في فتح الباري عند ذكر حديث المسيء في صلاته: استدل بعضهم بهذا الحديث على أن من دخل المسجد وفيه قوم جلوس، فإنه يبدأ فيصلي تحية المسجد، ثم يسلم على من فيه، فيبدأ بتحية المسجد قبل تحية الناس. وفي هذا نظر، وهذه واقعة عين، فيحتمل أنه لما دخل المسجد صلى في مؤخره قريباً من الباب ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر المسجد، فلم يكن قد مر عليهم قبل صلاته، أو أنه لما دخل المسجد مشى إلى قريبٍ من قبلة المسجد، بالبعد من الجالسين في المسجد، فصلى فيه، ثم انصرف إلى الناس. يدل على ذلك: أنه روي في هذا الحديث: أن رجلاً دخل المسجد ، فصلى، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناحية المسجد ، فجاء فسلم - وذكر الحديث -. خرَّجه ابن ماجه .فأما من دخل المسجد فمر على قوم فيه ، فإنه يسلم عليهم ثم يصلى. انتهى
ثم إن هذا كله مستحب، وليس فيه شيء واجب، فإذا قدم هذا أو ذاك فلا شيء عليه. وانظر الفتوى رقم: 42715. والله أعلم.