الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينبغي الاسترسال مع الوساوس في أمر الكفر، فإن الأصل بقاء المرء في حظيرة الإسلام ما لم يرتكب ما يتحقق من كونه مخرجا من الملة، والمسلم مهما كثرت ذنوبه ولو كانت من الكبائر فإنه ترجى له المغفرة، فإن الكبائر لا تخرج صاحبها عن الملة، إلا أن يستحلها، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته: وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون، وإن لم يكونوا تائبين بعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين، وهم في مشيئته وحكمه: إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ـ وإن شاء عذبهم في النار بعدله ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلى جنته، وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته الذين خابوا من هدايته ولم ينالوا من ولايته. انتهى.
فإذا علمت هذا فالواجب على كل مسلم أن يتجنب الذنوب صغيرها وكبيرها، فإن الصغائر تجر إلى الكبائر، وقد تكون المعصية صغيرة في نفس العبد وهي من الكبائر وهو لا يشعر، كما قال تعالى: وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ {النور:15}.
فالواجب على من كانت لديه ذنوب أن يتوب إلى الله تعالى منها ويبادر بالإقلاع عنها، وليعلم أن الله تعالى غفور رحيم يقبل توبة التائبين ويقيل عثرة المذنبين، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى: 25}.
والله أعلم.