الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ أولا ـ أن التشهد ينتهي عند قول المصلي: وأشهد أن محمدا عبده وسوله، وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد والتي كنت تتركها طيلة هذه المدة فالعلماء مختلفون في وجوبها اختلافا كثيرا، فقال كثير من العلماء، أو أكثرهم: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة سنة لا تبطل الصلاة بتركها ـ وذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوبها في التشهد الأخير, والقول بسنيتها قول له اتجاه وقد قواه بعض المحققين كالشوكاني في شرح المنتقى, ونحن نميل إلى القول بالوجوب وهو الأحوط والأبرأ للذمة, وراجع الفتوى رقم: 131815
ولكننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010أن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من العلماء, وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك شرطا من شروط الصلاة، أو ركنا من أركانها المتفق عليها جهلا لم تلزمه الإعادة, فما كان مختلفا فيه خلافا قويا يكون من باب أولى، وانظر الفتوى رقم: 125226
ومن ثم، فإننا نرى أن صلاتك الماضية مجزئة ـ إن شاء الله ـ ولا تلزمك الإعادة, قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه إذا جلس في آخر صلاته فإنه يتشهد بالتشهد الذي ذكرناه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الخرقي، وهي واجبة في صحيح المذهب، وهو قول الشافعي وإسحاق، وعن أحمد أنها غير واجبة، قال المروذي: قيل لأبي عبدالله ابن راهويه يقول: لو أن رجلا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بطلت صلاته، قال: ما أجترئ أن أقول هذا، وقال في موضع: هذا شذوذ، وهذا يدل على أنه لم يوجبها، وهذا قول مالك والثوري وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم، قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول لأنني لا أجد الدلالة موجودة في إيجاب الإعادة عليه، واحتجوا بحديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد ثم قال: إذا قلت هذا، أو قضيت هذا فقد تمت صلاتك ـ وفي لفظ: وقد قضيت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد ـ رواه أبو داود... إلى آخر كلامه ـ رحمه الله.
وإنما نقلنا هذا ليتبين ما في المسألة من خلاف قوي.
والله أعلم.