الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنائم مرفوع عنه القلم فهو غير مؤاخذ بما يكون في نومه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"رفع القلم عن ثلاثة وذكر منهم النائم حتى يستيقظ " أخرجه أبو داود, واحتلام الصائم لا يؤثر في صحة صومه سواء غلب على ظنه قبل النوم أنه سيحتلم أو لا؛ لأنه لا يمكنه دفع ما يعرض له لستر عقله بالنوم, والنوم مباح فلا يمنع منه الصائم، وإن علم أنه إذا نام احتلم قال العلامة العثيمين رحمه الله : الاحتلام أمر قهري ليس باختيار الانسان ولا حيلة له في رده , فإذا احتلم الصائم نهارا لا يبطل صومه ولو تكرر , لكونه يقع منه في النوم , وقد رفع عنه القلم حتى يستيقظ . انتهى .
وبه تعلم أن احتلامك حال النوم لا يفسد به الصوم , وإن كنت استيقظت قبل الاحتلام ثم استرسلت مع الفكر حتى خرج منك المني فلا يفسد الصوم كذلك في قول الجماهير, فإن خروج المني بالفكر لا يفسد الصوم عند الجمهور خلافا للمالكية وبعض الحنابلة.
قال ابن قدامة رحمه الله : فإن فكر فأنزل لم يفسد صومه , وحكى عن أبي حفص البرمكي أنه يفسد واختاره ابن عقيل لأن الفكرة تستحضر فتدخل تحت الاختيار. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ". ولأنه لا نص في الفطر به ولا إجماع ولا يمكن قياسه على المباشرة، ولا تكرار النظر لأنه دونها في استدعاء الشهوة وإفضائه إلى الإنزال. انتهى بتصرف.
وأما إن كان خروج المني باستدعاء منك وفعل حال اليقظة فعليك القضاء مع التوبة النصوح, وانظر لمعرفة أحوال خروج المني من الصائم الفتوى رقم : 127123. ولا تجب عليك الكفارة على كل تقدير لأن الكفارة لا تجب إلا في الفطر بالجماع على ما هو الراجح عندنا, وانظر الفتوى رقم : 111609.
والله أعلم .