الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيسن للحاج من غير أهل منى أن يقصر الصلاة في وقتها بمنى في اليوم الثامن، وفي أيام التشريق، وكذلك في اليوم العاشر إن صلى فيها، أو صلى في مكة وكان من غير أهلها، وهذا هو الراجح من أقوال أهل العلم في المفتى به عندنا، وهو فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة والتابعين، وقد اختلف الفقهاء في قصر النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة في منى هل كان لأجل النسك -أي لأنه من أعمال الحج- أم كان لأجل السفر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في حكايته للقولين : وبهذا قال أكثر الفقهاء كالشافعي وأحمد إن قصر الصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى وأيام التشريق لا يجوز إلا للمسافر الذي يباح له القصر عندهم .... وذهب طوائف من أهل المدينة وغيرهم منهم مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد كأبي الخطاب في عبادته الخمس إلى أنه يقصر المكيون وغيرهم وأن القصر هناك لأجل النسك، والحجة مع هؤلاء أنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من صلى خلفه بعرفه ومزدلفة ومنى من المكيين أن يتموا الصلاة كما أمرهم أن يتموا لما كان يصلى بهم بمكة أيام فتح مكة حين قال لهم أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر. اهـ.
وعلى كلا القولين، فإن من أتم الصلاة، فإن صلاته صحيحة ولا يلزمه إعادتها.
وأما لماذا تقصر الصلاة ولا تجمع فجوابه: أن ذلك هو السنة فالنبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في منى ولم يجمعها، ولا تلازم بين الجمع والقصر في السفر، فقد يجمع المصلي ولا يقصر. وقد يقصر ولا يجمع. مع العلم أن القصر سنة، والجمع رخصة وليس سنة. وراجع الفتوى: 108818.
والله أعلم.