الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فارتياب الرجل في زوجته في غير ما ريبة أمر محرم لا يجوز، وهو من سوء الظن الذي نهى الله عباده عنه بقوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}. وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك، ماله ودمه، وأن نظن به إلا خيرا. رواه الطبراني، وقال صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة من غير ريبة. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.
جاء في شرح سنن ابن ماجه للدهلوي قوله: فالغيرة في الريبة أي يكون في مواضع التهم والشك والتردد بحيث يمكن اتهامها فيه، كما لو كانت زوجته تدخل على أجنبي أو يدخل عليها ويجري منهما مزاح وانبساط، وأما ما لم يكن كذلك فهو من ظن السوء الذي نهينا عنه. انتهى.
فاتق الله سبحانه وتب إليه مما كان منك من الظن السيء بامرأتك، وسد الأبواب أمام الشيطان؛ فإنه أحرص ما يكون على التحريش بين الزوجين، بل على التفريق بينهما، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة.
وأما طلب الزوجة للطلاق فالأصل فيه المنع ما لم توجد ضرورة تلجئها إلى ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا في غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره، وصححه الألباني.
فإن كانت زوجتك قد تضررت من تكرار الشك فيها بلا سبب فإن هذا سبب وجيه لطلب الطلاق، وإن كنا ننصحها بالصبر والأناة، وننصحك بأن تكف عن هذا السلوك الذي غالبا ما ينتهي إلى خراب البيوت وتفك الأسر وضياع مصالح الأولاد.
والله أعلم.