الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد
فلا حرج على من جامع أهله ليلاً أن ينام قبل أن يغتسل، فإذا استيقظ لصلاة الفجر اغتسل وصلى، ولكن ينبغي أن يتوضأ قبل أن ينام، ففي الصحيحين عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما: أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: نعم، إذا توضأ.
وفيهما ـ أيضاً ـ عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة.
وهذا الوضوء مستحب لا واجب في قول الجماهير من أهل العلم.
قال الشوكاني رحمه الله: وأحاديث الباب تدل على أنه يجوز للجنب أن ينام ويأكل قبل الاغتسال، وكذلك يجوز له معاودة الأهل ـ كما سيأتي في حديث أبي سعيد ـ وكذلك الشرب ـ كما سيأتي في حديث عمار ـ وهذا كله مجمع عليه.
قال النووي: وحديث عمر جاء بصيغة الأمر، وجاء بصيغة الشرط، وهو متمسك لمن قال بوجوب الوضوء على الجنب إذا أراد أن ينام قبل الاغتسال ـ وهم الظاهرية وابن حبيب من المالكية.
وذهب الجمهور: إلى استحبابه وعدم وجوبه، وتمسكوا بحديث عائشة ـ الآتي في الباب الذي بعد هذا ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان ينام وهو جنب ولا يمس ماء.
وتمسكوا ـ أيضاً ـ بحديث ابن عباس مرفوعاً: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة.
أخرجه أصحاب السنن.
قلت: فيجب الجمع بين الأدلة بحمل الأمر على الاستحباب، ويؤيد ذلك أنه أخرج ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما من حديث ابن عمر: أنه سئل النبي صلى الله عليه وسلم أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، ويتوضأ إن شاء.
انتهى بتصرف.
والله أعلم.