الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تعددت أقوال الفقهاء في الحامل وكذا المرضع إذا أفطرت خوفا على ولدها هل تقضي فقط أم تطعم فقط أم تقضي وتطعم؟
جاء في الموسوعة الفقهية: فذهب الشّافعيّة في أظهر الأقوال عندهم والحنابلة ومجاهد إلى أنّ عليهما القضاء وإطعام مسكين عن كلّ يوم، لأنّهما داخلتان في عموم قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ...{البقرة: 184}. وذهب الحنفيّة وعطاء بن أبي رباح والحسن والضّحّاك والنّخعيّ وسعيد بن جبير والزّهريّ وربيعة والأوزاعيّ والثّوريّ وأبو عبيد وأبو ثور وهو وجه عند الشّافعيّة إلى أنّه لا تجب عليهما الفدية بل تستحبّ لهما، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: إنّ اللّه وضع عن المسافر الصّوم وشطر الصّلاة، وعن الحامل أو المرضع الصّوم أو الصّيام... وذهب المالكيّة واللّيث وهو قول ثالث عند الشّافعيّة إلى أنّ الحامل تفطر وتقضي ولا فدية عليها، وأنّ المرضع تفطر وتقضي وتفدي، لأنّ المرضع يمكنها أن تسترضع لولدها، بخلاف الحامل... وذهب بعض علماء السّلف ومنهم ابن عمر وابن عبّاس وسعيد بن جبير رضي الله عنهم إلى أنّهما يفطران ويطعمان ولا قضاء عليهما... اهـ.
هذه خلاصة أقوال الفقهاء في حكم قضاء الحامل، ولعل المشايخ الذين أفتوك بعدم القضاء يرون صحة المذهب الأخير القائل بعدم القضاء ووجوب الفدية فقط، ولهذا القول حظ من النظر إذ قد أفتى به حبران كبيران من أحبار الصحابة هما ابن عباس وابن عمر، والأسانيد إليهما صحيحة كما بين ذلك الألباني في الإرواء., فإذا كنتم استفتيتم من تثقون بدينه وعلمه وأفتاكم به وأخذتم بفتواه فنرجو أن تبرأ ذمتكم بذلكز
والقول الراجح والمفتى به عندنا هو وجوب القضاء لكونها في حكم المريض والمسافر اللذان يفطران لعذر ويقضيان لقوله تعالى: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. {البقرة: 185}. فهي كذلك أفطرت لعذر ويلزمها القضاء، ولا يلزمها القضاء فورا بعد الطهر من النفاس، فإذا كانت ترضع ولدها ويشق عليها القضاء فلها أن تؤخر القضاء إلى وقت الاستطاعة، وأما الفدية فبما أنكم أخرجتموها فالحمد لله، والمفتى به عندنا وجوبها وهو قول جمهور أهل العلم، وانظر للأهمية الفتويين: 121567، 113353.
والله أعلم.