الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لك التعاون معه على الباطل وأكل مال الناس بغير حق، وقد أقر لك بأن المبلغ ليس له فكف عن إرساله إليه، لئلا تكون شريكا له في الإثم، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2}.
وما قمت بإرساله إليه من الفلوس بعد أن علمت كونه ليس له فأنت ضامن له ـ إن لم يرضوا بتركه لصاحبك ـ لأن توكيله إياك في سحبه له، وكالة في أمر محرم واعتداء على حق الغير لا يجوز لك العمل بمقتضاها، ويلزمك رد ذلك المبلغ الذي قمت بسحبه فورا للجهة المسؤولة عنه، ثم بعد ذلك لك أن ترجع على صاحبك فتأخذه منه، لكونه هو من أتلفه وانتفع به وهو من سلطك عليه ببطاقته، فكلاكما ضامن له.
كما لا يجوز لك أن تأخذ منه الهدية المذكورة التي أمرك بأخذها لنفسك وأولادك، لأنه لا يملك النقود، وما حرم أخذه حرم إعطاؤه وقبوله، كما في القواعد الشرعية المقررة.
وأما كونه يطالب السفارة بعوض عن عملية أنفه: فإن ذلك لا يبيح له الاستيلاء على مالها بغير إذنها، لكن إذا أعلم السفارة بسفره وانتقاله إلى بلد آخر وتركت له ما دفعت إليه ـ إن كانت هي صاحبة القرار في المال ـ فلا حرج عليك في تحويله إليه وكذا أن تأخذ منه ما أمرك به ويسقط عنك ضمان ما حولته إليه سابقا، لكونه قد آل إليه، كالغاصب يغصب مالا ثم يؤول إليه بهبة أو غيرها، وللمزيد انظر الفتويين رقم: 113995، ورقم: 114288.
والله أعلم.