الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الاسم: المدينة أصبح علما على مدينة يثرب بعد ما شرفها الله تبارك وتعالى ونورها بقدوم نبيه صلى الله عليه وسلم عليها وقد جاءت هذه التسمية في نصوص الوحي من القرآن والسنة فمن ذلك قول الله تعالى: مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {التوبة: 120}. وقوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ. {التوبة: 101}.
فدل هذا على أن الله تعالى سماها بهذا للاسم، كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم به، ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد.
قال الإمام النووي: إنما كره تسميتها يثرب لأنه من التثريب وهو التوبيخ والملامة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح. اهـ.
وبذلك أصبح علما عليها من بين المدن.
ولا نعلم مدينة أو بلدة أخرى غير المدينة النبوية أصبح هذا الاسم علما عليها، وإنما يقال المدينة للمدن الأخرى إذا كانت أل فيها للعهد.. كما في قول الله تعالى في قصة فرعون: إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا. {الأعراف: 123}. والمراد مدينتهم المعروفة عندهم والمعهودة في أذهانهم وفي كلامهم.. وهي مصر كما قال أهل التفسير.
وأما القرية فقد قال أهل اللغة إنها تطلق على المدينة والمصر الجامع للمساكن والأبنية والضياع.. ولم يكن هذا الاسم (القرية) خاصا بمكة وإنما يقال لها أم القرى لفضلها وتقدمها أمام جميع القرى.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 47012، 14487.
والله أعلم.