الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن خرج في سفر يبيح القصر لم يشترط أن ينوي قصر الصلاة عند خروجه ليستبيح رخصة القصر، وإنما تلزم نية القصر عند الشروع في الصلاة عند من شرط ذلك من العلماء وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة.
قال النووي في المنهاج: ويشترط للقصر نيته في الإحرام. انتهى.
وذهب بعض العلماء إلى أن نية القصر ليست شرطاً، وأن من شرع في الصلاة وهو مسافر فله أن يقصر ولو لم ينو القصر.
جاء في الروض المربع مع حاشية لابن قاسم: أو لم ينو القصر عند إحرامها. لزمه أن يتم لأنه الأصل، وإطلاق النية ينصرف إليها، وعنه: أي الإمام أحمد، أن القصر لا يحتاج إلى نية وفاقاً لمالك وأبي حنيفة، وعليه عامة العلماء واختاره شيخ الإسلام وجمع، وقال: لم ينقل أحد عن أحمد أنه قال: لا يقصر بنية، وإنما هذا قول الخرقي ومن اتبعه.
ونصوص أحمد وأجوبته كلها مطلقة في ذلك، كما قاله جماهير العلماء وهو اختيار أبي بكر، موافقة لقدماء الأصحاب، وما علمت أحداً من الصحابة والتابعين لهم بإحسان اشترط نيته، لا في قصر ولا في جمع، ولم ينقل قط أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأمرون بذلك من يصلي خلفهم، قال: وإذا كان فرضه ركعتين فإذا أتى بهما أجزأه ذلك، سواء نوى القصر أو لم ينوه، وهذا قول الجماهير كمالك وأبي حنيفة وعامة السلف، وما علمت أحداً من الصحابة والتابعين لهم بإحسان اشترط نية، لا في قصر ولا في جمع، ولو نوى المسافر الإتمام كانت السنة في حقه الركعتين، ولو صلى أربعاً كان ذلك مكروهاً، كما لو لم ينوه، وقال ابن رزين: والنصوص صريحة في أن القصر أصل فلا يحتاج إلى نية. انتهى.
وههنا تنبيه مهم وهو أن من كانت مدة إقامته في بلد أربعة أيام فصاعداً فإنه يتم صلاته من حين وصوله إلى هذا البلد، وليس له أن يستبيح القصر مدة أربعة أيام ثم يتم بعد ذلك، وللفائدة تراجع في ذلك الفتوى رقم: 115280.
والله أعلم.