الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن المهندس المسؤول قد فرط بأمره لك بالعمل دون توفيرالمختصين بالأمن والسلامة، ولولي الأمر أن يعزره بما يراه مناسبا، لمخالفته أصول العمل، إلا أنه كان عليك أن تثبت على رفضك العمل حينئذ، وموافقتك على بدء العمل ـ والحالة هذه ـ لا تخلو من تفريط، ولذا يحق لولي الأمر أن يعزرك بما يراه مناسبا، إلا أنه لا دية عليك ولا كفارة، إذا كان العامل المتوفى بالغا عاقلا، لأنه كان بإمكانه أن يرفض، قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع: ومن أمر شخصا مكلفا أن ينزل بئرا، أوأمره أن يصعد شجرة ففعل فهلك به أي: بنزوله أوصعوده لم يضمنه الآمر.
وأما بخصوص السائق فالحكم في حقه مبني على قاعدة ـ ما لا يمكن التحرزعنه لا ضمان فيه ـ فإذا كان هذا الحادث قد حصل دون تفريط منه، بحيث أنه كان يسير بالسرعة المطلوبة في ذلك المكان، مع أخذه للاحتياطات اللازمة لصيانة السيارة، ولم يفرط في استخدام آلة التنبيه، وثبت أن الخطأ على العامل، فلا ضمان على السائق ولا كفارة.
أما إذا كان يمكنه تلافي الحادث بأداة التنبيه، أوتخفيف السرعة أوغير ذلك ولم يفعل، فهذا قتل خطإ حصل منه وحينئذ يلزمه أمران:
الأول: الكفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجدها فصيام شهرين قمريين متتابعين.
والثاني: الدية تدفع لورثة المقتول وتتحملها العاقلة وهم: أقرباء المتسبب من جهة الأب.
ومثل هذا الحادث يرجع فيه إلى الجهات المختصة للنظر في ملابساته من كل جوانبه، فالقاضي الشرعي يستطيع أن يتبين هل فرط السائق أم لا؟.
والله أعلم.